Info
AR اللغة AR
Side Menu
هل حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) غير فعّالة؟
September 12, 2020 0

في ظل تزايد التطبيع السياسي مع إسرائيل، هل فقدت حركة المقاطعة BDS تأثيرها؟

في الأسابيع الأخيرة، أصبحت الإمارات العربية المتحدة ثالث دولة عربية تتوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقد تمَّ استقبال هذه الصفقة بردود فعل متباينة من دول وشعوب العالم على حدٍ سواء، فمن أحد الجوانب، نجد دولًا مثل فرنسا والأردن، أشادت بالصفقة واعتبرتها خطوة نحو إحلال السلام بين إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، وطرف آخر ممثلًا في دول مثل تركيا وغانا، تندد بالصفقة وتعتبرها خيانة للشعب الفلسطيني.

أصدرت حركة المقاطعة العالمية وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، التي يمكن القول إنها المجموعة الأعلى صوتًا لمناصرة حقوق الفلسطينيين، بيانًا يدينُ هذه الصفقة، معتبرة أنها “بيع” للحقوق الفلسطينية ودعت حركة المقاطعة BDS العالم لمواصلة وتعزيز جهودهم لدعم الحركة.

تأسست حركة المقاطعة BDS في عام 2005، وهي حركة يقودها فلسطينيون من أجل الحرية والعدالة والمساواة للشعب الفلسطيني، وتهدف دعواتها للحث على العمل بهدف الضغط على إسرائيل للامتثال للقانون الدولي. وتشمل مطالبهم إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والاعتراف بحقوق المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل بالمساواة الكاملة، وتعزيز حقوق اللاجئين الفلسطينيين بحق العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم على النحو المنصوص عليه في قرار الأمم المتحدة رقم 194.

تحث حركة المقاطعة BDS الأشخاص والمنظمات على العمل من خلال الحملات المستهدفة التي تركز بالضغط على الشركات والأحداث التجارية والشخصيات السياسية لإبعاد نفسها عن التعاون الإسرائيلي، وتحديداً تلك التي تحدث في الأراضي المحتلة بشكل غير قانوني، ومن الأمثلة على ذلك حملة BoycottPuma# التي سعت إلى إنهاء ارتباط شركة بوما المالي بالاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم.

ومع ذلك، فبالنظر إلى تزايد التطبيع السياسي مع إسرائيل، يتساءل المرء عما إذا كانت حركة المقاطعة BDS بدأت تفقد تأثيرها. تجيب هذه الصحيفة على هذا السؤال من خلال تقييم فعالية حركة المقاطعة BDS في سعيها لإنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية.

“هل حركة المقاطعة BDS غير فعّالة؟”

الحجج التي تؤيد عدم فعالية حركة الBDS

المنتجات والخدمات التي يصعب تجنبها

بالنسبة للمستهلك اليومي الذي يتطلع إلى شراء سلع وخدمات عالية الجودة بسعر مناسب، فمن الصعب عليه تجنب العديد من الشركات التي تعتبر صديقة لإسرائيل. على سبيل المثال، توفر Airbnb، وهي شركة مدرجة في قائمة الأمم المتحدة للشركات التي لها علاقات بمستوطنات إسرائيلية غير قانونية، خدمة عالية الجودة للزوار يسهل الوصول إليها للعديد من المسافرين. مثال آخر هو شركة Puma، وهي شركة ملابس رياضية توفر سلعًا فاخرة مريحة ومنافسًا قويًا في سوق الملابس الرياضية. إن توفر مثل هذه الشركات لآليات وخدمات الفخامة والراحة،وسهولة الوصول إليها يجعلها خيارًا مفضلًا للعديد من المستهلكين، وهو خيار لا يتردد العديد من المستهلكين في اتخاذه. علاوة على ذلك، تُظهر الأرقام أنه يمكن تصنيف 40% من الصادرات الإسرائيلية كسلع وسيطة، أي أنها سلع تستخدم في عملية إنتاج سلع أخرى. هذا يجعل من الصعب استهدافها في المقاطعات لأنها منتجات مخفية داخل منتجات أخرى. فعلى سبيل المثال شركة Intel، وهي شركة تصنيع تقنية تنتج رقائق كمبيوتر موجودة في غالبية أجهزة الكمبيوتر في العالم، والتي استثمرت مليارات الدولارات في الاقتصاد الإسرائيلي، ليست هدفًا لحملة BDS بسبب “وضعها شبه الاحتكاري في قطاعها، مما يجعل مقاطعة المستهلك للشركة صعبًا في الوقت الحاضر”. بالنسبة للكثير من الناس، يقدم هذا المنظور وجهة نظر تشاؤمية حول قدرة مقاطعة المستهلكين على إحداث تغيير فعال نحو إنهاء الاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية.

التطبيع الدولي يخلق حاجزًا أمام التغيير

بعد فترة وجيزة من إنشاء دولة إسرائيل، أصدرت جامعة الدول العربية مقاطعة منعت الدول العربية من التجارة مع إسرائيل، وذهبت إلى حد إنشاء مكتب مقاطعة مركزي وإدراج الشركات التي تتعامل مع إسرائيل على القائمة السوداء لمقاطعتها أيضًا. في عام 1973، تسبب الحظر النفطي العربي الذي استمر خمسة أشهر واستهدف دولًا يُعتقد أنها تدعم إسرائيل أثناء حرب أكتوبر، في أزمة مالية عالمية. فهناك بالطبع عدة أمثلة عبر التاريخ تظهر قوة حركة المقاطعة السياسية والاقتصادية ضد إسرائيل والتأثير الذي يمكن أن تحدثه في إنهاء الاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية. ومع ذلك، فإن واقع التطبيع الإسرائيلي الذي يحدث في جميع أنحاء العالم اليوم، يثبت أن العالم يبتعد ببطء عن مثل هذه التكتيكات تمامًا. هذا يخلق حاجزًا في وجه حركة المقاطعة BDS، وهو حاجز لا يمكن مقاومته من خلال المقاطعات التي يقودها المستهلك وحده. وفي هذا الصدد، فإن حركة المقاطعة BDS لم تفعل ما يكفي للوصول إلى أهم مطالبها ، والتي تنص على  إنهاء الاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية، وهو مطلب لا يمكن تحقيقه دون وجود مقاطعة دولية. كما أن حملات حركة المقاطعة BDS، التي تستهدف فعاليات وشركات محددة، لا تملك قدرة طويلة المدى لإنهاء الاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية الذي يأملون في الوصول إليه.

الحجج التي تؤيد فعّالية حركة الBDS

يمكن للناس أن يكونوا مستهلكين واعين إذا أرادوا

الاستهلاك الأخلاقي هو شراء المنتجات التي تمَّ إنتاجها بشكل أخلاقي و/أو التي لا تضرُّ بالبيئة والمجتمع. لكي تكون مستهلكًا أخلاقيًا، يجب عليك أن تتخذ قرارًا واعيًا لتجنب مثل هذه المنتجات، وإيجاد بدائل للسلع والخدمات المتاحة بسهولة، كشكل من أشكال الاحتجاج. يمكن أن يتم هذا بشكل بسيط مثل شراء بيض من المزارع، أو بشكل معقد مثل مقاطعة السلع التي تنتجها عمالة الأطفال.

فالنزعة الاستهلاكية الأخلاقية ليست مفهومًا جديدًا، بل يمكن ملاحظتها في العديد من مجالات الأعمال لأسباب سياسية واجتماعية مختلفة، مثل شراء المستحضرات النباتية أو حتى المشاركة في حملات الاستدامة مثل الاستثمار في القش والأواني المعدنية لتجنب استخدام البلاستيك. وقد ساهم وجود مصادر عبر الإنترنت مثل ethicalconsumer.org إلى جعل الاستهلاك الأخلاقي في متناول العديد من الأشخاص. ففي الواقع يشير تقرير سوقي أعده Ethical Consumer إلى زيادة مستمرة شاملة في ثقافة الاستهلاك الأخلاقي، مضيفًا أن مقاطعة بعض منتجات الطعام والشراب قد تسببت في خسارة 1.21 مليار جنيه إسترليني من الشركات. تشير هذه الأرقام إلى قدرة المستهلكين على اتخاذ خيارات واعية وأخلاقية وإيجاد بدائل للسلع والخدمات المتاحة بسهولة. بمعنى آخر، أصبح المزيد من الناس على دراية بالدور الذي يلعبه استهلاكهم في السوق ويقومون باختيارات نشطة ليكونوا أكثر أخلاقية في استهلاكهم. يشير هذا السلوك المتنامي إلى قدرة الأشخاص على المشاركة الواعية في حملات المقاطعة والبحث عن بدائل أكثر أخلاقية للمنتجات الفاخرة، بغض النظر عن سهولة الوصول إليها. بالنسبة للكثير من الناس، فإن تأثير المقاطعة ليس هو الهدف، بل إن اتخاذ القرار الأخلاقي الصالح هو الدافع الرئيسي للمشاركة في حملات المقاطعة مثل تلك التي أنشأتها حركة المقاطعة.

علاوة على ذلك، تحث حركة المقاطعة BDS الناس على التحرك من خلال الحملات المستهدفة، والسبب في ذلك هو الوعي بأن مقاطعة جميع السلع والخدمات المحتملة المرتبطة بإسرائيل أمرٌ صعبٌ للغاية، كما هو موثق في حركة BDS الرسمية. وبالتالي، فمن خلال إنشاء حملات مقاطعة محددة، يمكن لحركة المقاطعة BDS تركيز جهودها أكثر وإحداث المزيد من التغيير. فعلى سبيل المثال، في مارس 2018، أصدر موقع حركة المقاطعة BDS دعوة إلى أديداس لإنهاء رعايتها لاتحاد كرة القدم الإسرائيلي.  وهي دعوة مماثلة لتلك التي تتمِّ مع بوما اليوم، والتي تحققت بنجاح في يوليو من نفس العام. كما أنهت شركة أديداس رعايتها لـ “ماراثون القدس” الذي كان يمرُّ عبر مستوطنات غير شرعية في فلسطين. تسمح هذه الحملات المستهدفة لحركة المقاطعة بتركيز طاقتها ومواردها لتحقيق المكاسب لمطالبها الإجمالية، وتوفير منصة تسمح بالمشاركة الفردية. يتضمن إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية جهدًا مستمرًا لمنع استخدام تلك الأراضي للأحداث والحملات الإسرائيلية، وكانت جهود حركة المقاطعة BDS فعالة في عرقلة المحاولات الإسرائيلية.

تلعب حركة المقاطعة BDS دورًا لا مثيل له

يمكن القول إن حركة المقاطعة العالمية BDS هي واحدة من أعلى الحركات صوتًا للدفاع عن حقوق الفلسطينيين اليوم، ولكن حتى مع الشعبية التي تتمتع بها، لم تدعِ حركة المقاطعة BDS أنها الصوت الوحيد لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي،

إن مطالب حركة المقاطعة BDS لإنهاء الاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية تقف بجانب مطالب العديد من الجماعات والمنظمات الأخرى مثل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومنظمة أصوات يهودية من أجل السلام – وهي من المؤيدين المتحمسين لحركة المقاطعة – وهكذا، فإن حركة المقاطعة هي جزءٌ من جهد أكبر يقوم بدوره على إنهاء الاحتلال.

علاوة على ذلك، تلعب حركة المقاطعة BDS دورًا محددًا واضحًا في إبقاء الصوت الفلسطيني حيًا ونشطًا، وتسمح فروعها بعيدة المدى بالوعي والتضامن الدوليين. مع وجود فروع في جميع أنحاء العالم بما في ذلك كندا وماليزيا التي تتحكم في حملات المقاطعة المستهدفة في مناطقها. توفر الحركة معلومات دقيقة عن الشركات غير الأخلاقية، وتخلق حملات مقاطعة، وتعزز حلقات النقاش والمحاضرات في المجالات الأكاديمية. خلقت حركة المقاطعة BDS مجتمعًا من الناس في جميع أنحاء العالم لتظل القضية الفلسطينية بالنسبة لهم قريبة وغير معزولة، بل تستحق الاهتمام والدعم. وقد شهدت مثل هذه الجهود نتائج مزدهرة في جميع أنحاء العالم. فعلى سبيل المثال، في عام 2014، باع مجلس التقاعد التابع للكنيسة الميثودية المتحدة أسهمه في G45، وهي شركة استهدفتها حملة BDS لتوفير المعدات الأمنية لإسرائيل، كما أضاف مجلس الإدارة جميع البنوك الإسرائيلية على قائمة الاستثمار السوداء.
مع وجود مثل تلك الجهود في جميع أنحاء العالم، يمكن للمرء أن يجادل بأن حركة المقاطعة تقوم بدورها في صورة أكبر لتحقيق مطالبها بإنهاء الاحتلال غير القانوني لإسرائيل، وبدورها من خلال حملاتها الناجحة، فقد حققت تأثير وقدرة على إحداث أثر قوي.


بقلم: أمينة عورتاني – مدربة مناظرات في مركز مناظرات قطر

space

space

space

space

space

space

space

space

space

space

space


المراجع

  • https://www.aljazeera.com/news/2020/08/world-reacted-uae-israel-normalising-diplomatic-ties-200813152921879.html
  • https://bdsmovement.net/news/uae-dictatorship-sells-out-palestinian-rights-through-agreement-with-israel
  • https://bdsmovement.net/what-is-bds
  • https://bdsmovement.net/boycott-puma
  • https://www.brookings.edu/blog/order-from-chaos/2018/01/26/how-much-does-bds-threaten-israels-economy/
  • https://bdsmovement.net/make-an-impact
  • https://www.fdd.org/wp-content/uploads/2020/01/fdd-report-war-by-other-means-a-history-of-anti-israel-boycotts-from-the-arab-league-to-bds.pdf
  • https://www.theguardian.com/money/2001/feb/22/ethicalmoney1
  • https://www.askfood.eu/tools/forecast/wp-content/uploads/2019/08/EC-Markets-Report-2018-FINAL.pdf
  • https://jewishvoiceforpeace.org/israeli-palestinian-conflict-101/
  • https://www.aljazeera.com/news/2020/02/issues-report-firms-active-illegal-west-bank-settlements-200212162025947.html
  • https://www.nytimes.com/2016/01/13/world/middleeast/us-church-puts-5-banks-from-israel-on-a-blacklist.html
كلمات مفتاحية:

اترك تعليقا

This website uses cookies to ensure you get the best experience on our website. | Privacy Policy