كوفيد-19 والبيئة
May 9, 2020 0

خلال محاربتنا هذا الوباء القاتل، يجب أن نضع أولوياتنا للحفاظ على البيئة أم الاقتصاد؟

 

لم يتوقف تأثير فيروس كورونا ( كوفيد 19 ) على البشر فقط، ولكن تأثيره استمر ليطال مستويات التلوث ويؤثر فيها بشكل جذري، حيث أنه وللمرة الأولى منذ سنوات بتنا نستطيع رؤية السماء الزرقاء في  نيودلهي ، والأسماك في قنوات البندقية ، والسلاحف على شواطئ فلوريدا، كل هذا بعد انخفاض مستويات التلوث الهوائي والمائي وانعزال الناس في بيوتهم.

بعد أسابيع قليلة فقط من الحظر الكلي في الصين،انخفضت انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة تتعدى ال 25% ، وفي نيويورك انخفضت انبعاثات غاز أول أكسيد الكربون بنسبة تتعدى ال 50% مقارنة بالسنة الماضية.

في الوقت الذي تنتعش فيه الأرض بسبب انخفاض الانبعاثات الكربونية ، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو :-

بعد الانتهاء من الأزمة الصحية الراهنة، هل يجب على الحكومات التخفيف من القوانين البيئية للمساهمة في إنعاش الاقتصاد مرة أخرى؟

الحجج المؤيدة:

“الوضع الاقتصادي في انهيار ويجب أن يُعطى الأولوية.”

1. في الوقت الذي ندرك فيه جميعاً أهمية البيئة من حولنا، فإن الوضع الاقتصادي في انهيار ويجب أن يُعطى الأولوية. لذا فإن تخفيف القوانين البيئية هو الحلُّ الأمثل لحماية كل الوظائف المتضررة من الأزمة الأخيرة.

أكثر من 20 مليون وظيفة في قطاع الخطوط الجوية وشركات النفط على المحك، بالإضافة إلى ملايين من الوظائف الأخرى التي تعتمد على هذه القطاعات من شركات التخزين إلى شركات التوزيع، وهناك أكثر من 500 مليون شخص معرض لمواجهة الفقر، والسؤال هنا هو :

ما هي أهمية الحفاظ على استدامة بيئية إذا كان الثمن بالمقابل هو معاناة هؤلاء البشر وتجويعهم؟.

2. التعامل مع التغيير المناخي بطريقة واقعية لا يكون فقط من خلال تخفيض الانبعاثات الكربونية، ولكن بالقدرة على استيعاب هذه التغييرات والتأقلم معها أيضاً. جميع الدول بحاجة إلى بنية تحتية قوية، وقوانين ضمان اجتماعية مناسبة و مؤسسات رعاية صحية على مستوى عالٍ لتكون قادرة على التعامل مع آثار التغيير المناخي. تماماً مثلما يعتمد البشر على الإعانات الحكومية المباشرة والسريعة عندما تضربهم الأعاصيرمثلاً. لذا فإننا بحاجة  لنمو اقتصادي سريع لنكون قادرين على التعامل مع الدمار البيئي في المقام الأول.

الحجج المعارضة:

“نحن لا ننكر أهمية الاقتصاد، ولكن الوضع البيئي في انهيار كبير.”

1. الخلل في القوانين التي من المفترض أن تُعنى بحماية الحيوانات البرية في المقام الأول والذي يعتبر السبب في انتشار الفيروسات مثل فيروس كورونا، بالتالي فإن التساهل والتخفيف من القوانين البيئية مستقبلاً بعد انقضاء هذه الأزمة سيكون أكبر دليل على أننا لم نستفيد من هذه الأزمة.

نحن لا ننكر أهمية الاقتصاد، ولكن الوضع البيئي في انهيار كبير، 10 سنوات فقط تفصلنا قبل أن نفقد السيطرة على الآثار المترتبة بسبب التغيير المناخي، ونصبح غير قادريين على معالجتها أو حتى التأقلم معها.

في الوقت الذي يمكننا فيه سَنُّ قوانين تقوم بدعم وحماية الموظفين المهددة وظائفهم بشكل مباشر، فإن التراخي في تطبيق القوانين البيئية يجب أن لايشمل أحد هذه القوانين.

فهناك 4 ملايين شخص يلقون حتفهم بشكل سنوي بسبب التلوث الهوائي وحده، والقوانين الصديقة للبيئة لا تساهم بإنقاذ الأرواح في المستقبل فقط، وإنما نحن بحاجة لهم والحفاظ على حياتهم حاضراً ومستقبلاً.

2. في الوقت الذي ندرك فيه الذعر الحاصل بسبب الوضع الاقتصادي، إلا أن السعي وراء نمو اقتصادي لا يضع الاستدامة البيئية في الحسبان وهو خيارٌ غير حكيم بتاتاً من وجهة نظر اقتصادية.

ففي خضم اندفاعنا لإطعام الأفواه الجائعة والمحتاجة اليوم، فإنه لا يجب علينا جعل الأرض مكاناً غير صالحاً للسكن للأجيال القادمة.

الوضع أشبه بكوننا داخل دائرة مغلقة ، حيث نقوم بتبرير الدمار الاقتصادي للتخفيف من نسب الفقر ، في الوقت الذي يقوم فيه الدمار الاقتصادي بدوره بالمساهمة في رفع خط الفقر.

نحن بحاجة ماسة للخروج من هذه الدائرة والوصول الى نمو اقتصادي يضع الاستدامة البيئية من أهم الأولويات على المستوى البعيد.


بقلم: موبرت واسي – مدرب مناظرات في مركز مناظرات قطر

This website uses cookies to ensure you get the best experience on our website. | Privacy Policy